حكمة أبوية
(عن الابن الضال)
إنسان كان له ابنان فقال أصغرهما لأبيه يا أبي أعطني القسم الذي يصيبني من المال فقسم لهما معيشته(لو15:11-12)
لم يكن من الطبيعي أن يطلب الابن الأصغر نصيبه من ميراث أبيه ولكن بحكمة أبوية فائقة يتصرف الأب ويعطيه نصيبه وكأنه يعلن بوضوح الحنان الأبوي الذي لايرفض لنا طلبا إنما يعطينا وبسخاء وينتظر أن نثمر ونعطي ثمر ويتركنا نتحرك في حرية البنين لا العبيد كما يقول الكتابأنا الحكمة أسكن الذكاء وأجد معرفة التدابيرأم18:12فبحكمة يعطينا نعمة الأسرار وهي ميراث سماوي ومازال يعطي وبحكمته ينتظر لعلها تأتي بثمر فالحكمة الأبوية تنشيء البنين والذين يلتمسونها تضمهم إليها (سيراخ4:12)
إنها حكمة المخلص الذي جاء لكي يعطي وبسخاء منتظر رجوع الخاطئ حقا إنها حكمة عالية الإدراك يقول عنها القديس غريغوريوس في القداس الإلهيوغير موصوفة هي قوة حكمتك وليس شيء من النطق يستطيع أن يحد لجة محبتك للبشر. + ومؤامرة شيطانية:-
لقد تآمر الشيطان علي طبيعتنا الإنسانية منذ أن خلقنا الله وكان صاحب أكبر الغزوات الفكرية والشهوانية علي الجنس البشري فخرج منتصرا علي أبينا آدم الأول في جولته الأولي بجنة عدن وها هو الآن يدبر مؤامرة ليدمر بها العلاقة الأسرية بين أب وابنه الأصغر ولكن بحكمة تصرف الأب ولبي مطلب الابن الأصغر الذي ذهب بعيدا عن أبيهوبذر ماله بعيش مسرف(لو15:14)
وفي الكورة البعيدة تلامس مع الجوع الحقيقي والعوز وعرف الضلالة التي عاش فيها والخديعة التي دبرها له الشيطان عن طريق أصدقاء السوء وانزله من درجة أمير إلي حقير مع الخنازير يعيش كما قال الكتابفلما انفق كل شيء حدث جوع شديد في تلك الكورة فابتدأ يحتاج فمضي والتصق بواحد من أهل تلك الكورة فأرسله إلي حقوله ليرعي خنازير..(لو15:14-15)وبات لسان حاله يقولعلي شعبك مكروا مؤامرة وتشاوروا علي أحميائك(مز83:3).
+ ويقظة فورية:-
بعدما اكتشف الابن الأصغر تلك المؤامرة الشيطانية التي قذفت به خارج سفينة الأبوة الحانية جلس مع نفسه كما يقول الكتابفرجع إلي نفسه وقال كم من أجير لأبي يفضل عنه الخبز وأنا أهلك جوعا أقوم وأذهب إلي أبي وأقول له يا أبي أخطأت إلي السماء وقدامك ولست مستحقا أن أدعي لك ابنا بل اجعلني كأحد أجراك(لو15:17-19)
إنها يقظة حولت الابن الضال إلي الابن الشاطر الذي أسرع في الرجوع مستعينا بكلمات المزموراسترني من مؤامرة الأشرار ومن جمهور فأعلي الإثم(مز64:2)
وبعد قبول الأب له لسان حال يقولأعظمك يارب لأنك نشلتني ولم تشمت بي أعدائي(مز30:1)
أنها يقظة روحية مصحوبة بالتوبة والندامة علي أيام مرة فياليتنا نستيقظ من غفلتنا ونكشف تلك المؤامرة التي يدبرها لنا عدو الخير لنذهب بعيدا عن أبونا السماوي فها هو منتظر رجوعنا قائلافي وقت مقبول سمعتك وفي يوم خلاص اعنتك هوذا الآن وقت مقبول هوذا الآن يوم خلاص(2كو6:2).
وإلي اللقاء في عظة الأحد المقبل مع القلب المفتوح..والإحساس المجروح..والبخور الذي يفوح.
التسميات :
شخصيات الكتاب المقدس